الكاتب محمد شعت
إهْدَاء
إلى كلِّ طفلٍ وُلِدَ ليُقتَل قبل أن يُدرِك طَعمَ الحيَاة
لِمَاذَا أَتَيْـتَ بِصَـدْرٍ نَقِيٍّ *** وَقَلْبٍ نَـدِيٍّ تُرِيـدُ الحَيَاهْ
أَتَرْجُو الحَيَاةَ عَلَـى ضَفَّتَيْنَا *** وَمِنْ ضَفَّتَيْنَا تَفِــرُّ المِيَـاهْ
وَنَبْتُ التَّحَدِّي يُطِـلُّ هَزِيلاً *** وَقَبْلَ النُّضُوجِ يَمُوتُ السُّقَاهْ
وَسَهْمُ النَّجَاةِ بِقَوْسٍ ذَلِيـلٍ *** تَجَاهَلَ عَمْدًا فُنُـونَ الرُّمَاهْ
وَسَيْفُ الإِبَاءِ بِغِمْدٍ لَئِيـمٍ *** طَـوَاهُ سِنِينًا فَأَلْغَـى نَـدَاهْ
أَتَرْجُو الحَيَاةَ وَمِنْ كُلِّ صَوْبٍ *** أَطَلَّتْ عَلَيْنَا رُءُوسُ الجُنَـاهْ
وَكُلُّ وَلِيدٍ لَدَيْنَـا قَتِيـلٌ *** يُقَطِّعُ جَحْدُ الرَّصَاصِ حَشَاهْ
نُهَدْهِدُ فِي المَهْدِ أَشْـلاءَهُ *** نُهَدْهِدُ فَوْقَ الرِّمَـالِ دِمَاهْ
يُعَانِقُ مَوْتًا يُصَـادِقُ مَوْتًا *** وَفِـي مُقْلَتَيْهِ بَدَتْ مُقْلَتَاهْ
أَتَرْجُو الحَيَاةَ بِدَرْبِ الجِرَاحِ *** وَفِـي مُبْتَدَاهُ تَرَى مُنْتَهَاهْ
وَتَتْرُكُ هَمًّا جَدِيدًا لَدَيْنَـا *** وَفِي البَيْتِ شَيْخٌ يُوَارِي بُكَاهْ
وَأُمٌّ عَلَى عَرَصَاتِ الجَحِيمِ *** وَفِي اللَّيْلِ تَشْكُو وَتَدْعُو الإِلَهْ
وَتَهْفُو إِلَيْكَ وَتَرْعَى رُؤَاكَ *** وَتَرْجُو مِنَ الطَّيْفِ شَيْئًا تَرَاهْ
وَطِفْلٌ يَنَامُ وَيُرْخِي الجُفُونَ *** لِيَحْضِنَ فِي النَّوْمِ وَهْمًا أَخَاهْ
وَأُخْتٌ بِكُلِّ الأَسَى أَصْبَحَتْ *** وَفِـي قَبْضَتَيْهَا بَقَايَا رِدَاهْ
كِتَابٌ عَلَيْهِمْ طَوَى ضَفَّتَيْهِ *** فَكُـلُّ السُّطُـورِ أَنِينٌ وَآهْ
وَفِي الحَلْقِ تَبْكِي الحُرُوفُ طَوِيلاً *** وَكُلُّ الكَلامِ يَتِيمُ الشِّفَاهْ
تَلَقَّتْكَ أَيْدِي الحِدَادِ سَرِيعًا *** وَأُرْضِعْتَ مِنْ كُلِّ ثَدْيٍ أَسَاهْ
أَتَرْجُو الحَيَاةَ فَهَـذَا مُحَالٌ *** فَإِنَّ الحَيَاةَ طَوَتْهَا الحَيَــاهْ
ملحوظة من الكاتب:
هذه محاولة متواضِعة للرقي بالذَّوق الأدبي، وتعبيرًا عن الآلام التي تَحياها الأمَّة الإسلاميَّة، وكفكفةً لدموع صغارِها.