[ لا تعذليه ]ٍ
للشاعر ابن زريق البغدادي
لا تعذليه فإن العذل يولعه **** قد قلتِ حقا ولكن ليس يسمعه
أي أن الشاعر يطلب من نفسه أن لا تلومه ، رغم أنها تقول الحق .
جاوزتِ في لومه حدا أضر به **** من حيث قدرتِ أن اللوم ينفعه
أي يقول لنفسه بأنها تجاوزت وبالغت في نصحه حتى أدت إلى الاضرار به .
فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلا **** من عسفه فهو مضنى القلب موجعه
أي يطلب الشاعر من نفسه أن ترفق به بدلا من الشدة والقسوة فهو موجع القلب .
قد كان مضطلعا بالخطب يحمله **** فضلعت بخطوب البين أضلعه
أي أنه يكفيه تلك المصائب التي يحملها والتي أثقلتها لوعة الفراق .
يكفيه من روعة التفنيد أن له **** من النوى كل يوم ما يروعه
أي يكفيه أنه دائم الفزع والندم على ما فعل .
ما آب من سفر إلا وأزعجه **** عزم على سفر بالرغم يزمعه
أي أنه ما إن يعود من سفر إلا وقد عزم على سفر مرة أخرى .
كأنما هو في حل ومرتحل **** موكل بفضاء الله يذرعه
أي كأنه مقيم ومسافر في نفس الوقت في فضاء الله الواسع .
إذا الزماع أراه في الرحيل غنى **** ولو إلى السند أضحى وهو مربعه
أي إذا كان السرعة في الرحيل غنى ولو حتى إلى السند أصبح مكانه .
وما مجاهدة الإنسان واصلة **** رزقا ولا دعة الإنسان تقطعه
أي أن هناك شخص يتنقل لطلب رزقه ولا يكسبه ، وآخر مستقر لا ينقطع رزقه .
قد قسم الله بين الناس رزقهم **** لا يخلق الله من خلق يضيعه
أي أن الله متكفل برزق العباد وهو مقسم الأرزاق .
لكنهم كلفوا حرصا فلست ترى **** مسترزقا وسوى الغايات يقنعه
أي أن الناس فطروا على طلب الرزق ولاشيء يرضيهم .
والحرص في الرزق والأرزاق **** قد قسمت بغي ألا أن بغي المرء يصرعه
أي أن حرص الإنسان على الرزق رغم أن الله قسمه فهو ظلم .
فالدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه **** عفوا ويمنعه من حيث يطمعه
أي أن الدهر يعطي الإنسان بعد أن كان يمنعه ، ويمنعه بعد أن كان يعطيه .
أعطيت ملكا فلم أحسن سياسته **** وكل من لا يسوس الملك يخلعه
أي أن الشاعر أعطي نعمة الاستقرار لكنه لم يحسن استغلالها .
ومن غدا لابسا ثوب النعيم بلا **** شكر عليه فعنه الله ينزعه
أي من لا يشكر الله على نعمه فإن الله ينزعها عنه .
لأصبرن لدهر لا يمتعني به **** ولا بي في حال يمتعه
أي أن الشاعر سيصبر على هذا الدهر الذي لم يمتعه بمن يحب .