بسم الله الرحمن الرحيم
إن المرأة آية من آيات الله تعالى.. ومن أجمل متع الحياة الدنيا.. ونعمة عظيمة أنعم الله بها على الرجل بدءًا بآدم عليه السلام ثم لسائر الذكور من ذريته.. والنعم التي يُنعم الله بها على الرجل بواسطة المرأة لا تحصى.. فهي تغض بصره وتُحصن فرجه.. وتُنجب ذريته وترضعهم وتربيهم.. وتحضِّر طعامه، وتغسل ثيابه، وتنظف بيته، وتُكرم ضيوفه..
تمرِّضه إذا مرض.. وتواسيه إذا حزن.. تفرح لفرحه وتغضب لغضبه.. لا يستغني عنها الرجل ما دام حيًا؛ فهي ضلعه وشقه الآخر.. عند مرفئها ترسو سفن أحلامه.. ومن حنانها وعطفها ورقتها يستمد.. وفي حضنها تستريح أعصابه المتوترة وتهدأ نفسه.
إن نِعم الله في المرأة كثيرة جدًا ﴿وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار﴾[1] ومع ذلك فإن كثيرًا من الرجال يظلمون المرأة، ويجحدون فضلها، ولا يُقدِّرونها حق تقديرها، بل هم عن معاشرتها بالمعروف غافلون.
فالرجل حريص جدًا على النجاح في كل ميدان، وهو في ميدان التعامل مع الناس يتعرف أولاً على طبيعة شخصية الآخرين وميولهم وما يرضيهم وما يغضبهم، ثم يتعامل مع كل واحد بما يناسبه من طرق التعامل؛ ليكون الوفاق بينهما على أتمه.. ولا تخلو هذه الطرق من وجود الاحترام المتبادل، والكلام اللطيف، وعبارات الإعجاب بشخص الآخر والثناء على أفعاله، والسماع له واستشارته واحترام رأيه والصبر على أذاه وغير ذلك من الأمور الحسنة.
هذا ما يفعله الرجال في علاقاتهم مع الآخرين، وبالوقت نفسه كثير منهم يهملون هذه الأمور مع زوجاتهم، فلا يتعرفون حقيقة شخصية الأنثى وطباعها وخصائصها، وأعضاء جسمها ووظائفها، والتغيرات الجسمية والنفسية والعقلية التي تحصل لها، وذلك لإيجاد أفضل الطرق لمعاشرتها وأحسن أساليب التعامل معها والنجاح في استخدامها... ويهملون بالأخص كلام الحب والحنان، والثناء والإعجاب، وتصبح العلاقة مع الزوجة رتيبة وجامدة وأقل بكثير من مستوى التعامل مع زميل في العمل.
ربما لأنهم يعتقدون أن التكلف غير ضروري مع الزوجة، أو أن الزوجة قد أصبحت من أهل البيت ولا حاجة إلى اتباع طرق معينة في التعامل معها كما هو الحال مع الآخرين، أو لأنهم يعتقدون أن التعامل مع الزوجة لا يحتاج إلى علم وتعلم وفن، وربما لأنهم يظنون بأن الحياة الزوجية تعني الجماع فقط وفيما عداه تكون علاقتهم بزوجاتهم علاقة شخصين يعيشان في بيت واحد.
إن من يدرس نفسية المرأة وعقلها وميولها يكتشف أن كل هذه الاعتقادات خاطئة، وأن التعامل مع الزوجة يحتاج فعلاً إلى علم وتعلُّم وفن؛ ولهذا علَّمنا خالق المرأة في كتابه الكريم كيفية التعامل معها، وكذلك علَّمنا رسوله صلى الله عليه وسلَّم الطرق الصحيحة والناجحة للتعامل مع المرأة، وأوصى الرجل توصيات كثيرة تتعلق بها، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن التعامل مع المرأة مهم جدًا وحساس، وعليه ينبني نجاح الحياة الزوجية أو فشلها، وصلاح الأسرة أو فسادها، وأن التكلف ضروري معها كأنها ضيف عزيز حلَّ في البيت، ولا أكون مبالغًا إذا قلت: إن أحب شيء على قلب المرأة هو أن يعاملها زوجها كل يوم وكأنه اليوم الأول في الزواج من حيث المعاملة الرقيقة والعاطفية والحب والحنان والثناء عليها والتغزل بجمالها وإسماعها العبارات التي تشعرها بكيانها وأنوثتها.. حيث إن أسعد لحظة في حياة المرأة هي عندما تسمع كلمة حلوة من زوجها.. حين يكشف لها عن مشاعره المتدفقة وحبه الجارف.. إنها تنسى همومها ومتاعبها وتتحول إلى إنسان آخر يفيض بالحب والعطاء بلا حدود.. وإن متعة المرأة في ذلك تعادل متعة الرجل في الجماع إن لم تفقها..
ولا شك أن استخدام الرجل لهذه الطريقة مع زوجته تجعل منه زوجًا مثاليًا ورجل بيت ناجحًا، وإن عدم استخدامها ينتج عنه كثير من المشكلات والخلافات والمواجهات وإن كان سببها الظاهر غير ذلك.
وهناك أفكارًا ومعلومات خاطئة عن المرأة.. بل هناك جهل في تكوين جسم المرأة ومواصفات أعضائه ووظائفها مع أنه الشيء الظاهر والأقرب إلى الرجل، فكيف يكون الأمر إذًا مع صفاتها النفسية والعقلية وهي الباطنة؟! وسواء كانت المرأة تعرف هذه الأمور والمعلومات عن خَلْقِها أو خُلُقها أو تجهلها فهذا ليس مهمًا، إنما المهم والمطلوب أن يعرفها من يتعامل معها باستمرار وهو الزوج، لأنه لو اقتصر الأمر على الجهل بطبيعة المرأة ولم يؤد هذا الجهل إلى أضرار لكان الأمر هينًا، ولكن كثيرًا من الأذى والظلم يقع على المرأة من زوجها بسبب جهله بطبيعة الأنثى وخصائصها، وجهله بتأثيرات العوامل والتغيرات والتقلبات التي تحدث لها خاصة في أثناء الحيض والحمل والنفاس